لماذا تأتي العقوبات على روسيا بنتائج عكسية؟
الكاتب: أرييل بتروفيتش
المصدر: مجلة “Responsible Statecraft” الأميركية نشر بتاريخ 30 تشرين الأول 2024
تبدو موسكو ناضجة في تحمّل الألم الاقتصادي الذي فرضه الغرب عليها بعد غزوها لأوكرانيا، لكنّ ما يحدث اليوم هو أن روسيا تزدهر وليس العكس.
اعتمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها على العقوبات كواحدة من الأدوات الرئيسية للحدّ من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. كذلك تهدف هذه العقوبات، لتشمل قادة وشركات ورجال أعمال بعد فرض قيود صارمة على القطاعات الرئيسية مثل النفط والغاز الطبيعي الروسي، بالإضافة إلى فرض تكاليف اقتصادية غير مقبولة تعيق على نحو مباشر المجهود الحربي الروسي، وتُحفّز موسكو لإنهاء حملتها العسكرية.
مع ذلك، يناقش الخبراء ما إذا كانت هذه الأداة تعمل بشكل جيّد وما مدى نجاحها، ويُجادل البعض بأنّ العقوبات الشاملة، وخاصّة القيود الواسعة النطاق المفروضة على عائدات النفط والغاز، ستجعل الاقتصاد الروسي يجثو على ركبتيه، ممّا يُؤدّي إلى إنهاء موسكو لحملتها العسكرية. ويُقرّ آخرون بأنّها قد لا تُنهي الحرب بنجاح فوراً، لكنّهم يُؤكّدون توفيرها على الأقلّ طريقة غير مُكلفة ومنخفضة المخاطر لإبطاء التقدّم الروسي واتّخاذ موقف علني ضدّ الغزو.
وبعد ما يقرب من 3 سنوات، لا تزال الحرب مُستعرة، ولا يزال الاقتصاد الروسي مُنتعشاً، والدعم الشعبي المحلّي للرئيس فلاديمير بوتن والكرملين صعد إلى أعلى مستوياته إطلاقاً.
والمشكلة في هذه المناقشة الاقتصادية وحدها هي أنها تتجاهل خطر العواقب الهدّامة. فلم تفشل العقوبات في إنهاء الحرب في أوكرانيا أو إضعاف عملة الكرملين القتالية فحسب، بل إنها أخذت تأتي بنتائج عكسية أيضاً، مما عزّز عن غير قصد موقف موسكو المتشدّد، وقوّض فائدة الاستراتيجيات البديلة، ممّا يُفضي إلى نتيجة أن الموقف الذي يرى في العقوبات أفضل من لا شيء، يتجاهل على الأقلّ عواقبها الضارّة الطويلة الأجل على السلام الإقليمي والاستقرار الدولي.
لقد شملت العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا مجموعة متنوعة من التدابير، بدءاً من القيود الاقتصادية ووصولاً إلى ضوابط المعلومات. وقد توسعت لتشمل حظر الصادرات الصناعية والتكنولوجية، وتجميد الأصول البنكية، والقيود على وسائل الإعلام المملوكة للدولة، بالإضافة إلى عقوبات مستهدفة ضد شخصيات بارزة، بما في ذلك الرئيس بوتين. وتعتبر العقوبات الأكثر تأثيرًا هي الحظر الدولي على النفط والغاز الروسي، الذي يمثل 60% من صادرات روسيا وحوالي 40% من ميزانيتها الفيدرالية.