أحد اهداف التنمية المستدامة هو” تعزيز المجتمعات السلمية وتحقيق العدالة للجميع وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات“ يتفرع عن هذا الهدف اهدافاً فرعية عديدة منها: تخفيض نسبة العنف في المجتمعات، إنهاء الاساءة والاستغلال والمتاجرة بالبشر، تحقيق العدالة الاجتماعية، القضاء على الفساد، تقوية المؤسسات، السعي لتوفير الشفافية، وتشريع قوانين عادلة تدعم التنمية المستدامة. جميع هذه الاهداف تحتاج الى قيادة قوية تعمل بصورة جادة من اجل تحقيقها. ولكن في الوقت الذي تتناول فيها الأدبيات المتعلقة بفنون وعلوم القيادة الخصائص المثالية للقادة والممارسات الفضلى لمسؤولياتهم، يتم في الأغلب اهمال دراسة القيادات السيئة بغية تشخيصها والتعلّم من الاخطاء التي تحصل في ظلها وتفادي الظروف والاجواء التي تؤدي الى بروزها.
يناقش هذا المقال بعض الابعاد والتصنيفات التي يمكن من خلالها تقسيم القيادات السيئة، وتكمن اهمية هذا التصنيف في ظل الوضع الراهن في العراق، بشكل خاص، والذي يفتقر إلى الفهم الجيد لظاهرة القيادة ومدى تأثيرها على مستقبل المجتمع.
الاستدامة واداء القيادة
ان جوهر التنمية المستدامة هو في الواقع تحقيق التغيير في الاقتصاد والاجتماع والبيئة، وهذا بطبيعته يتطلب من القادة في الكثير من الاحيان تناول مواضيع وحل مشاكل شائكة قد لا تكون مُربحة من الناحية السياسية بالنسبة لهم، وان نتائج جهودهم لن تظهر على الاكثر خلال فترة توليهم لمناصبهم (على الأقل في الانظمة الديمقراطية) مما يجعلها أقلَّ جاذبيةً لهم. ولكنها مع ذلك اساسية وجوهرية من اجل تحقيق مصالح المجتمع المستقبلية بعد سنوات عدة، ان لم يكن عقود، سيما يتعلق بالأهداف المذكورة اعلاه مثل تطوير المؤسسات ومكافحة العنف والفساد وتحقيق الشفافية. لذلك فإن إحدى متطلبات التنمية هو ادارتها من قبل قادة يضعون مصالح المجتمع الذي يقودونه فوق مصالحهم الشخصية الضيقة.
لكن الواقع يشير إلى ان الكثير من القادة يفشلون في تحقيق ذلك. والتجربة تشير الى ان امتلاك نظام ديمقراطي حتى في أكثر الدول تقدماً لا يضمن دائما صعود قادة يحققون تقدماً في الوصول إلى الأهداف المذكورة أعلاه، ولا يعصم المجتمع بالضرورة من قادة سيئون او ممارسات قيادية سلبية