الكاتب: كيث جونسون
المصدر: مجلة “فورين بوليسي” الأميركية نشر بتاريخ 21 تِشْرِين الأول 2024
إحدى التطورات الملحوظة في السنوات الخمس والعشرين الماضية هي أن الإختصار العشوائي الذي أطلقه أحد المستثمرين المصرفيين على مجموعة من الاقتصادات الناشئة قد أصبح رمزاً للتمرد.
تجتمع دول مجموعة “بريكس” هذا الأسبوع في قمة هامة في مدينة قازان، روسيا، الواقعة على ضفاف نهر الفولغا. وقد تم توسيع المجموعة الأصلية التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم جنوب أفريقيا، لتشمل أربعة أعضاء إضافيين.
في جدول أعمال هذا العام، ستُعقد القمة الأولى الكاملة بعد الإنضمام الرسمي لإيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة إلى الكتلة، وستتناول المناقشات المعتادة حول إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب يتحدى الهيمنة الأمريكية والغربية. جزء كبير من هذه المناقشات، وخصوصًا بالنسبة للأعضاء المتأثرين بالعقوبات مثل إيران وروسيا، سيكون حول الجهود المبذولة لإيجاد بدائل فعالة للهيمنة العالمية للدولار الأمريكي.
بعد مرور 23 عامًا على اختراع جيم أونيل، المصرفي في بنك جولدمان ساكس (الذي أصبح الآن لورد أونيل)، لمصطلح “بريكس” كاختصار أنيق لما بدا وكأنه اقتصادات المستقبل، تطورت هذه المجموعة لتصبح واحدة من أبرز الكتل الاقتصادية في العالم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هذا العام هو ما إذا كانت هذه المجموعة المتباينة بشكل مطرِّد قادرة على صياغة بديل فعلي للنظام الدولي الذي يقوده الغرب أم أنها ستصبح مجرّد نادي قتال للطامحين؟.
في هذا الصدد، يقول أوليفر ستونكل، الخبير في شؤون “بريكس” في مؤسسة “Getulio Vargas Foundation”، وهي جامعة ومركز أبحاث في البرازيل: “تعدّ روسيا هذه الفرصة مهمة لكي تثبت للغرب أنها ليست معزولة، وسيكون من المثير للإهتمام حقاً رؤية مدى استعداد الدول الأخرى للذهاب مع ما تريده روسيا لجعل مجموعة “بريكس” أكثر وضوحاً ككتلة معادية للغرب مما هي عليه حالياً”.
وأضاف ستونكل: “تسعى البرازيل والهند بوضوح إلى التصدي لذلك، لذا ستمنحنا قمة قازان فكرة مثيرة جداً حول الديناميات السياسية الحقيقية في الجنوب العالمي بين دول “بريكس”.
تُعد مجموعة “بريكس” الموسعة بالفعل ائتلافاً متنوعاً. فهي تضم قوة عظمى تتبنى الماركسية-اللينينية (الصين) ودولة استبدادية (روسيا) تسعى إلى استعادة نفوذها، كما تضم أكبر ديمقراطية في العالم (الهند) وأكبر دولة في أمريكا اللاتينية (البرازيل). أما الأعضاء الجدد في المجموعة فهم يتوزعون بين دول تقع تحت مظلة الأمن الأمريكي ودولاً أخرى تخضع لعقوبات أمريكية. وقد تشمل الدول المرشحة للانضمام حتى دولًا من حلف الناتو مثل تركيا، بالإضافة إلى دول منبوذة عالمياً مثل كوريا الشمالية وسوريا.
أما الغرب، فيميل إلى رفض المجموعة بإعتبارها مزيجاً غير متماسك. ولكن هناك خيط مشترك لا يقل ديمومة عن ذلك الذي كان خلف مؤتمر باندونغ الذي عُقد في عام 1955 في إندونيسيا، إذ كان حدثاً تاريخياً بارزاً جمع 29 دولة من آسيا وأفريقيا، معظمها كانت حديثة الاستقلال. وقد شكّل المؤتمر حينها نقطة انطلاق لحركة عدم الإنحياز، حيث سعت الدول المشاركة إلى تعزيز التعاون وتأكيد استقلالها عن القوى العظمى.
وبعيداً عن واشنطن ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، يصعب تقدير مدى الإستياء الموجود (لدى دول بريكس) من النفاق والهيمنة الغربية، وكلها أمور تساعد على ربط العضوية الفضفاضة في مجموعة “بريكس”. وقد أصبح هذا الأمر واضحاً بشكل خاص في ما يتعلق بقضايا مثل الصراع في الشرق الأوسط، والتكلفة الضخمة التي تتحمّلها البلدان المتوسطة الدخل نتيجةً للإمتياز الباهظ الذي يوفّره الدولار.