الباحث والكاتب: حسن الصراف
السفير الياباني السابق في العراق «فوميو إيوا»، الذي يتقن اللغة العربية وكان مهتماً بنشر انطباعاته وآرائه حول العراق في مواقع التواصل الاجتماعي، أثار ذات مرّة في أحد منشوراته على منصة “الفيسبوك” مسألةَ تفرّد العراق في إنتاج بعض المواد الغذائية ذات المذاق اللذيذ، والتي تمثّلت بـ«القيمر العراقي» و«الدبس» و«الراشي»، مؤكداً أنه بعد مغادرته العراق بحث كثيراً عن القيمر والدبس والراشي في بلده ولكن لم يجد منتوجاً بنفس الجودة والمذاق العراقي.
كان «إيوا» يلمّح في منشوره إلى وجود فرصة كبيرة أمام العراقيين من أصحاب المشاريع الصغيرة لتعزيز قطاع التصدير في العراق. (الدبس والراشي والقيمر العراقي!)، تخيّل لو أن العراق يتقدّم عالمياً في تصدير مثل هذه الطيّبات، ويشتهر بها مثل اشتهار اليابان بالسوشي أو كإشتهار إيطاليا بالبيتزا!.
يمتلك العراق موارد طبيعية وبشرية كبيرة للنهوض بالمشاريع الصغيرة والاستثمارية ولتصدير بضائع وسلع ومنتجات غذائية إلى دول عديدة شرقاً وغرباً.
ومع شيء من التأمل والإمعان في المواد الغذائية المنتجة في الداخل العراقي سنجد أن الإقبال الأجنبي لا يقتصر على التمور والألبان ومشتقاتها، فكما يعلم الكثير منّا، تُفضّل بعض دول المنطقة، سيما الخليجية منها، اللحوم الحمراء العراقية لجودتها ومذاقها المُميّز.
إنَّ الاستثمار في مجال الزراعة الرعوية وتربية الماشية – سيما في وسط العراق وجنوبه – من شأنه أن يُعزّز قطاع التصدير لدول الجوار الذين يفضّلون المنتجات الغذائية العراقية، ومن ثمَّ توفير الآلاف من فرص العمل للشباب، سيما لخريجي كليات الزراعة والطب البيطري، كما أن هذا الاستثمار سيدُرّ الملايين من الدولارات سنوياً للسوق المحليّة. وبعبارةٍ أدقّ: إنَّ تعزيز «الصناعة التحويلية – Manufacturing» يمثّل أحد الحلول الناجعة لتعزيز الصادرات غير النفطية في العراق.
يمثّل النشاط الرعوي شكلاً من أشكال الزراعة التي تهدف إلى إنتاج الثروة الحيوانية بدلاً من زراعة المحاصيل. ومن أهم إنتاجات النشاط الرعوي اللحوم والألبان التي تؤدّي دوراً هاماً في تحقيق الأمن الغذائي. وفي العراق، تُعتبر الزراعة والنشاط الرعوي «النقطة الأساسية في معالجة مشاكل الغذاء وخلق المزيد من فرص العمل، وخاصة في المناطق الريفية». ولا يُخفى عن الخبراء الاقتصاديين أن «الثروة الحيوانية تساهم بنسبة كبيرة في القطاع الزراعي تقارب 50% على مستوى العالم أو في معظم البلدان»، ولهذه الثروة أهمية كبيرة في الدخل القومي لِلعديد من بلدان العالم.
ولكن ما هي طبيعة العوائق التي تقف أمام تحقيق مثل هذه المشاريع؟