المصدر: صحيفة “نيويورك تايمز”
الكاتب: مايكل والزر
إن تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي استهدفت أعضاء حزب الله في لبنان كان بالتأكيد بمنزلة انقلاب تجسسي وتكنولوجي. ولكن الانفجارات التي وقعت يوميّ الثلاثاء والأربعاء كانت أيضا على الأرجح جرائم حرب – وهجمات إرهابية من قبل دولة دانت باستمرار الهجمات الإرهابية على مواطنيها.
نعم، من المرجح أن الأجهزة كانت تستخدم من قبل عملاء حزب الله لأغراض عسكرية. وهذا قد يجعلهم هدفاً مشروعا في المعارك المستمرة عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله. لكن الهجمات، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 37 شخصا وجرح آلاف آخرين لم يكونوا منخرطين عسكرياً، بل كانوا في منازلهم مع عائلاتهم، جالسين في المقاهي، يتسوّقون في أسواق المواد الغذائية بين المدنيين الذين قتلوا وأصيبوا بشكل عشوائي.
لم تؤكد إسرائيل أو تنفي مسؤوليتها عن الهجمات ولكن يعتقد على نطاق واسع أنها تقف وراءها. وإذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فمن المهم أن يقول أصدقاء إسرائيل: هذا العمل غير صحيح.
تعتمد نظرية الحرب العادلة اعتماداً كبيراً على التمييز بين المقاتلين والمدنيين. وفي الحروب المعاصرة، كثيرا ما تختلط هاتان المجموعتان معاً في نفس الأماكن، وكثيرا ما تختلط معاً عمداً، لأن قتل المدنيين يستدعي إدانة أخلاقية. إن الحرب التي دبّرتها حماس في غزة هي مثال قاتم على إستراتيجية تعريض المدنيين للخطر لتحقيق مكاسب سياسية. ومع ذلك، يتعيّن على الجيش الذي يستجيب لهذه الإستراتيجية أن يفعل كل ما في وسعه لتجنب أو تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
تزعم إسرائيل أنها تفعل ذلك في غزة، على الرغم من ظهور انتقادات جدِّية لسلوكها هناك في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ناهيك عن قضية مرفوعة ضد مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين من حماس على حدٍ سواء في المحكمة الجنائية الدولية بسبب إرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
إنّ قرار تفجير الأجهزة اللاسلكية هو مؤامرة من تدبير “إسرائيل”، وكان على المخططين أن يعرفوا أنّ بعض الأشخاص الذين سيتعرضون للأذى سيكونون من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.
تتطلب اغتيالات إسرائيل الأخيرة لقادة حماس وحزب الله استجابة سياسية وأخلاقية. كان هؤلاء رجالاً يدعمون الهجمات الإرهابية على إسرائيل، وكانوا يعرفون بالتأكيد أنهم أهداف – أود أن أقول أهدافاً مشروعة – للقتلة الذين يمكن أن يعملوا عن قرب أو من بعيد. لكن عندما تأذن حكومة ما بقتل رجال تتفاوض معهم بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل زعيم حماس إسماعيل هنية في تموز، فلا بد من أن نستنتج أنّها ليست ملتزمة بنجاح المفاوضات، وهذا خطأ سياسي وأخلاقي.