المصدر: موقع “دبلوماسي إيراني”
الكاتب: بهاء الدين بازركاني كيلاني
على الرغم من أنَّ قدرات السيد بزشکیان التنفيذية، كمرشّح أوّل من حيث الشعبية، لتولي منصب رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم تُختبر بعد، إلّا أنّه من خلال مساعدة القوى المتخصصة والمُلْتزمة والنزيهة والبعيدة عن الضجيج (مثله تماماً) والتي توجد بكثرة في البلاد، وبجلب دعم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أيضاً، بإمكانه حلّ المشكلات المتراكمة في البلاد وإحداث تغيير جذري.
وهذا الأمر بحدّ ذاته يُمثّل انفتاحاً للنظام في إيران، مع أنَّ النظام لا يُخطّط أصلاً لأن يكون عصرياً تماماً ودون وجود مشاكل أو صعوبات!، فقد نشأ النظام مع المشكلات، وعاش معها، وكباره يتصورون أنّه بدونها سيكون بلا تأثير وسيُمسح تدريجياً من ساحة السلطة!
لقد أدركت السلطات في إيران اليوم يقيناً أنّه لا بدّ من وضعِ كعبِ أخيلِها، ألا وهو الاقتصاد والمعيشة، على مسار التحسين المنهجي بشكل عاجل ومُلح. فما لم تقم بكفاح عميق ضد الفساد المستشري في البلاد، سيظلّ الخطر الكبير والتهديد قائميّن.
وعلى خلاف ما يتم تضخيمه اليوم إعلامياً لأغراض معينة، فإن نظرة جزء من صُلب بنية السلطة في إيران، وخاصة العسكريين، ليست مُنصبة تماماً على روسيا. ذلك إنَّ توقيع الاتفاق النووي – بإذن وإرشاد قائد الثورة الإسلامية – مع الولايات المتحدة، يُعتبر خير دليل على هذا الادعاء. كما أن جزءاً من الحرس الثوري أصبح قلقاً وغير راضٍ عن تصرفات روسيا (خاصة قبل الحرب في أوكرانيا). والحقيقة هي أنَّ هناك مبالغة بشأن دور بوتين في إيران. فروسيا غارقة في صراع مع الغرب، وأصبحت رهينة للصين وكوريا الشمالية والهند وإيران وتركيا. وحتى في أرمينيا وأذربيجان، تراجعت استراتيجيتها بشكل سلبي.
إنَّ روسيا مع وجود ضعفها البنيوي والهيكلي، وخاصة العجز السكاني، ستتحول في المستقبل إلى قوة وسطى مستهلكة. والغرب أيضاً في هذه الحملة، يواجه باستمرار خطر وصدمات الأزمات الاقتصادية والمالية الكبرى، ويريد حماية نفسه منها بأي ثمن، ولذلك، فإن إقامة علاقة متوازنة ومعقولة مع جارته روسيا، بعد قرن من الشك والرفض، ضرورة وشرط للسياسة.
ومن جهة أخرى، يمكن لإيران، خلال فترة رئاسة السيد بزشکیان المحتملة وبفضل دعم المرشد الأعلى، أن تُظهر مرة أخرى انفتاحاً نسبياً تجاه الغرب، خاصة وأنها تستطيع تخفيف وطأة العقوبات الصارمة المفروضة عليها إلى حد كبير. لأنَّ الغرب لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بين الناس والطبقة المتوسطة في إيران. وعلى الرغم من سجله التاريخي السيئ للغاية، إلَا أنَّه بسبب سياسات رجال الثورة خلال العقود الأربعة الماضية، فقد اكتسب الغرب المزيد من المؤيدين في الداخل، وذلك، على عكس الدول الإسلامية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.