الكاتب: سيد رحمن موسوي أستاذ في جامعة بهشتي، وبينيلوبي كوجيانو غولدبرغ، وأستاذ الاقتصاد في جامعة ييل
المصدر: موقع الدبلوماسية الإيرانية
فهل أن التوجه المتشائم على حق؟
لطالما كانت الخلافات السياسية حول البنود المحددة التي تأتي في الاتفاقيات التجارية أمر شائع، إلّا أنَّ المعارضة الأخيرة من البلدان النامية للوقف الضريبي الرقمي طويل الأمد تمثل رمزًا لمشكلة أعمق، وقد توصل الكثيرون إلى استنتاج مفاده أنَّ منظمة التجارة العالمية لم تعد تملك ما ينبغي أن تقدمه لهم.
إنَّ تعددية الأطراف كمبدأ عمل، في تراجع وهي ماضية نحو الزوال، حيث أنَّ إحدى المؤسسات المتعددة الأطراف الرائدة في العالم، وهي منظمة التجارة العالمية، في حالة أزمة، لأنَّ الولايات المتحدة منعت تعيينات جديدة في هيئة الاستئناف منذ عام 2018. وفي المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، والذي تم عقده الشهر الماضي، أعرب بعض المتفائلين عن أملهم في رؤية تقدم في قضايا محددة، مثل الاتفاق على عدم فرض رسوم جمركية على التجارة الرقمية، إلّا أنَّ التوقعات لم تتحقق بالشكل المطلوب.
لقد كان المتشائمون على حق، لأنَّ الهند قد اتُهمت بتمديد الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية، حيث حصل ذلك بعد أن تم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة لتمديدها لمدة عامين آخرين، واحتفلت الهند وحلفائها بنتيجة الاتفاق باعتبارها انتصارًا. وللمرة الأولى منذ سنوات، لم تكن الولايات المتحدة هي المتهمة بإضعاف منظمة التجارة العالمية، بل الدول النامية (بما في ذلك إندونيسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل وغيرها).
إنَّ ما حدث في التجارة الرقمية هو سمة من سمات الصراعات المعتادة التي تنشأ خلال المفاوضات التجارية. فالتجارة الحرة تخلق دائماً رابحين وخاسرين. وقد تفيد التجارة الرقمية الشركات في الاقتصادات المتقدمة، وكذلك المستهلكين والشركات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. فقد يدفع مستخدمو تطبيق أو لعبة أو غيرها من المنتجات البرمجية المصنوعة في بلد آخر أسعارًا أقل إذا لم تكن هناك رسومات، كما سترى الحكومات ان الرسومات وسيلة واعدة لزيادة إيراداتها.
وبينما تُعدّ هذه القضايا شائعة، فإنَّ معارضة الدول النامية لتعليق ضريبي رقمي يمتد لفترات طويلة تُجسّد مشكلة أعمق: وهي الاعتقاد المتزايد بأنَّ منظمة التجارة العالمية (WTO) لم تعد تُقدّم لهم أيّ شيء. وهناك افتراض بأنَّها تخدم مصالح الشركات الكبرى بشكل أحادي الجانب بدلاً من خدمة الأفراد العاديين في بلد نامٍ أو متوسط الدخل.
وقد أظهرت الدراسات الحديثة أنَّه من المرجح أن تنخفض معدلات الفقر في البلدان النامية المندمجة بشكل جيد في النظام التجاري الدولي خلال العقود الثلاثة الماضية. وتُعدّ عمليات الاندماج الدولية ذات أهمية بالغة، خاصة بالنسبة للاقتصادات الأصغر حجمًا. ففي حين تمتلك دول مثل الهند والصين أسواقًا محلية ضخمة تسمح لها باتباع استراتيجيات الانكفاء الداخلي، لا تتوفر هذه الإمكانية لدى دول أخرى أصغر مثل تايلاند وكينيا ورواندا.