أجريت في تركيا الاسبوع الماضي انتخابات رؤساء البلديات الكبرى، وأعضاء مجالس البلدية، ورؤساء بلديات المناطق، ومخاتير الأحياء، وأعضاء مجالس الأحياء. كانت نسبة إقبال الناخبين أقل من المعتاد، حيث بلغت حوالي 78 في المائة. وكان لحزب المعارضة اليميني العلماني (حزب الشعب الجمهوري)، أداء قوي، حيث فاز حزب الشعب الجمهوري برئاسة البلديات في 35 مدينة، بما في ذلك أكبر البلديات: أنطاليا وبورصة وإزمير والعاصمة أنقرة، وأكبر بلدية ومركز مالي في البلاد أسطنبول (16 مليون نسمة).
وقد هزم أكرم أمام أوغلو في السابق حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس أردوغان مرتين. الاولى في الانتخابات المحلية لعام 2019، كمرشح لحزب المعارضة الرئيسي (حزب الشعب الجمهوري)، مرشح أردوغان، بن علي يلدريم، بأغلبية 13000 صوت. وبعد شكوى حزب العدالة والتنمية، تم بطلان نتيجة الانتخابات. وفي إعادة انتخاب يونيو، خسر يلدريم مرة أخرى أمام أكرم أمام أوغلو.
برز أكرم إمام أوغلو كمنافس رئيسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ويعتبر فوز أكرم أوغلو المريح في انتخابات بلدية إسطنبول واستمراره في منصبه كرئيس لها، عامل مهم في تعزيز مكانته السياسية وشعبيته. يُعتبر أوغلو شخصية سياسية بارزة في الحزب الجمهوري التركي ويحظى بتأييد واسع من قاعدة الحزب والمعارضة. وهذا ما جعله خيارًا قويًا للمنافسة على الساحة السياسية، وقد يصبح رئيسًا لتركيا في المستقبل.
ينتمي أكرم أوغلو لحزب الجمهوري التركي (CHP) وهو أحد الأحزاب السياسية الرئيسية في تركيا. يُعتبر الحزب الجمهوري التركي واحدًا من الأحزاب القديمة في تركيا، حيث تأسس في عام 1923 بوصفه حزباً سياسياً مؤيداً للعلمانية والديمقراطية.
تاريخيًا، كان الحزب الجمهوري التركي يتمتع بقاعدة داعمة واسعة في تركيا، ويعتبر نفسه وريثًا لتقاليد الحزب الجمهوري القديم الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، كما انه حزبًا مركزيًا يتبنى مواقف سياسية متعددة، بما في ذلك العلمانية، حقوق الإنسان، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وعلى مر السنوات، شهد الحزب تغيرات وتطورات في سياسته وتشكيلته القيادية. برز الحزب في الانتخابات العامة التي جرت في عام 2019، حيث حصد نسبة كبيرة من الأصوات وأصبح أكبر قوة في البرلمان التركي حالياً.
تعد الأنتخابات الأخيرة ضربة قاصمة لأردوغان الذي بدأ مسيرته السياسية كرئيس لبلدية إسطنبول عام 1994. وفي عام 2001، أنشأ صندوقًا لتمويل حزب العدالة والتنمية وضمن فوزه في الانتخابات العامة عام 2002. وقبل فوز أكرم إمام أوغلو، كان حزب العدالة والتنمية هو المسيطر على إسطنبول منذ عام 2004، وهي المدينة الأسطورية التي تمتد عبر أوروبا وآسيا وتعد القوة الاقتصادية لتركيا، حيث تمثل 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة، وبذلك فهي تمثل ما يقرب من خمس سكان البلاد. كانت اسطنبول دائما مهمة لأردوغان، وتعتبر جوهرة سياسية، تشرف على ميزانية قدرها 16 مليار دولار، توظف عدة آلاف وتمنح عقودا مربحة. ينطبق عليها القول المأثور “من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا”.