تتزايد التوترات الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة والصين، خصوصاً بعد فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية، مما ينعكس بشكل متزايد على قطاع التكنولوجيا، الذي أصبح ساحة جديدة للصراع بين القوتيّن العظميين.
يُعتبر الصراع حول تقنية 5G محورياً في هذا النزاع، الذي يُشار إليه غالباً بأنه “حرب باردة” جديدة.
لقد حافظت إدارة الرئيس المنتهية ولايته بايدن في تطبيق السياسات التقييدية التي سبق وأن وضعتها إدارة ترامب (في ولايته الأولى)، خاصةً فيما يتعلق بشركة هواوي، وهي واحدة من الشركات الصينية الرائدة في مجال الاتصالات. وعلى الرغم من وجود بعض أوجه التعاون الثنائي، ضغطت واشنطن على حلفائها لاستبعاد هواوي من شبكات 5G الخاصة بهم بسبب المخاوف الأمنية الوطنية.
تقع تقنية 5G في جوهر هذه الفجوة التكنولوجية، حيث تسهِّل الاتصال المعزّز بين مختلف الأجهزة والشبكات في العالم. في هذا السياق أعربت الحكومة الأمريكية عن مخاوفها من أن توسع شركة هواوي الصينية في 5G قد يؤدي إلى التجسّس أو التخريب، وهذه المخاوف أسفرت عن فرض قيود أمريكية صارمة على بيع التكنولوجيا والمكونات المتقدمة إلى الشركة. تشمل الإجراءات الأخيرة إلغاء تراخيص التصدير للشركات الأمريكية التي تزود هواوي بالرقائق والتكنولوجيا ، مما يزيد من عزل الشركة عن التطورات التكنولوجية الحيوية.
التأثيرات على المستخدمين العالميين لهذه التقنية
تواجه الدول في المنطقة، بما في ذلك العراق، تحدياً فريداً أثناء تنقلها في علاقاتها بين واشنطن وبكين. لكن العديد من دول الخليج اختارت اتباع نهج شبكة الوصول الراديوي المفتوح (Open RAN) ، مما يمكّنها من تطوير حلول 5G الخاصة بها بشكل مستقل عن التكنولوجيا الصينية.
لا تعزّز هذه الاستراتيجية سيادتها التكنولوجية فحسب، بل تضعها أيضاً كوسيط محتمل في المنافسة التقنية بين الولايات المتحدة والصين, إذ تتيح مبادرة Open RAN للدول تعزيز السيطرة على بنية اتصالاتها، مما يمكّنها من تحقيق توازن بين مصالحها الجيوسياسية وزيادة العوائد الاقتصادية من القوتيّن. ويشير المراقبون إلى أن الطريقة التي تدير بها دول المنطقة، وخاصة دول الخليج، هذه السيادة التكنولوجية قد تقدم رؤى حول الاتجاهات الأوسع المتعلقة بالمنافسة التقنية العالمية والتحالفات في عصر يشهد صراعات القوة الرقمية تواجه دول كثيرة ، منها العراق ودول المنطقة، تحديات جيوسياسية متزايدة في ظل العلاقات المتنامية مع كل من الولايات المتحدة والصين. تاريخياً، اعتمدت دول المنطقة على الولايات المتحدة كضامن أمني رئيسي، لكن الروابط الاقتصادية مع الصين قد نمت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، سيما في مجالات التجارة والاستثمار. تعقد هذه الديناميكية من خلال نهج إدارة بايدن في السياسة الخارجية، الذي حافظ على التركيز على المنافسة الكبرى مع الصين, مما يعكس استراتيجيات مشابهة لتلك التي كانت في عهد الرؤساء السابقين.