تداعيات نتيجة الإنتخابات الأمريكية
الكاتب والباحث: حيدر الخفاجي
تُعتبر الانتخابات الأمريكية التي جرت مؤخراً إحدى أهم الانتخابات الرئاسية في تاريخ هذا البلد. وبينما يُعتبر فوز ترامب نقطة تحول، فإن إنتخابات هذا العام (2024) مثل تلك التي جرت في 1860 و1932 و1964 تُعتبر أيضاً من بين الإنتخابات الأهم في التاريخ الأمريكي نظراً لتأثيراتها العميقة والمستمرة. لذا يمكن القول إن فوز ترامب هو من بين الانتخابات المهمة، ولكنه قد لا يكون “الأهم” على الإطلاق.
وفضلاً عن تأثيرات نتيجة الإنتخابات على المستوى الداخلي في الولايات المتحدة، فقد تُحدث تأثيرات تشمل العملية السياسية والدبلوماسية في العالم، وبالأخص في الشرق الأوسط وبالنسبة للقضايا التي تهم الناخبين والتي كان لها تأثير كبير في تحديد نتيجة الانتخابات، فهي القضايا المعتادة مثل الاقتصاد، والهجرة وبعض القضايا الاجتماعية مثل الإجهاض، والتغيرات المناخية.
لكن عموماً، سمة هذه الانتخابات هي أن الديمقراطية ومستقبلها في أمريكا تُعتبر أيضاً من القضايا المهمة، وهي في رأي الديمقراطيين أكثر أهمية من غيرها. كان الغرض من إقامة كامالا هاريس أكبر تجمع انتخابي لها في نفس المكان الذي حرّض فيه ترامب أنصاره على مهاجمة مبنى الكونجرس خلال خطابه في 6 كانون الثاني عام 2021، هو التأكيد على أهمية نفس القضية، مستقبل الديمقراطية في أمريكا. وفي هذا الخطاب، تطرقت هاريس إلى الاختيار بين “الحرية لكل أمريكي” أو “الانقسام والارتباك”.
وقالت إن السؤال هو ما إذا كانت أمريكا ستخضع لإرادة “الديكتاتوريين المحتملين”. وعلى هذا الأساس، اعتقد كثيرون خلال الحملة الانتخابية أن هذه الانتخابات ستكون بمثابة استفتاء للإختيار بين الديمقراطية والإستبداد.
وعلى الرغم من تركيز حملة هاريس على قضية الديمقراطية، فقد أظهرت نتائج الانتخابات أن هذه الرسالة لم تكن كافية لتحقيق الفوز، حيث لعبت قضايا أخرى، مثل الاقتصاد والهجرة، دوراً أكبر في تحديد خيارات الناخبين.
ويعتبر العديد من الأمريكيين أن سياسات ترامب لم تشكل تهديدًا للديمقراطية بالقدر الذي صورته به حملة هاريس، حيث يوجد انقسام عميق في المجتمع الأمريكي حول مفهوم الديمقراطية وكيفية الحفاظ عليها.
لكن يبدو أن الناخبين الأمريكيين قد اختاروا رؤية ترامب للبلاد، مما يطرح تساؤلات جديدة حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية وكيفية تعامل إدارة ترامب الجديدة مع التحديات الداخلية والخارجية في ظل هذا الانقسام العميق.
وقد أثارت تصريحات وتصرفات دونالد ترامب في الفترة الأخيرة جدلاً واسعاً وانتقادات حادة من قبل خصومه السياسيين ومراقبين كثيرين. فقد رفض ترامب الاعتراف بنتائج انتخابات 2020، واتهم خصومه بالفساد، وهدّد باستخدام أجهزة إنفاذ القوانين الفيدرالية ضد معارضيه السياسيين.
كما وعد ترامب بتنفيذ “أكبر عملية ترحيل” في تاريخ الولايات المتحدة إذا عاد إلى البيت الأبيض، وهو ما أثار مخاوف من إمكانية استهداف مواطنين أمريكيين من أصول مهاجرة أو معارضين سياسيين. هذه التصريحات والمواقف دفعت منتقدي ترامب لإتهامه بتهديد الديمقراطية الأمريكية والمؤسسات الدستورية. فقد وقّع أكثر من 300 خبير اقتصادي على رسالة مفتوحة تحذِّر من أن ترامب يشكل “خطراً يهدد الديمقراطية”.