المواضيع السياسيةمقالات مترجمة

حقيقة الهجوم.. هل حققت إسرائيل أهدافها؟

قسم الابحاث والترجمة

المصدر: موقع نور نيوز- نشر بتاريخ 27  تشرين الأول 2024
لقد انتهت حرب نفسية واسعة استمرت لأكثر من شهر حول تفاصيل كيفية الرد الإسرائيلي على إيران في عملية فجر السبت. عملية لم يتم العثور على أي لقطة فيديو موثوقة تتحدث عنها، ولكنها كشفت بوضوح عن بعض الحقائق القائمة.

 إنَّ وقوف دانييل هاغاري، المتحدث بإسم جيش الكيان الصهيوني، أمام الكاميرات وحديثه عن هجوم على إيران بعنوان “أيام الندم”، قد رسم في أذهان سكان الأراضي المحتلة على الأقل صورة لهجوم شامل على الجمهورية الإسلامية، إلاّ أن الأدلة الواقعية تشير إلى أن الهجوم الذي تم تنفيذه كان محدوداً جداً وقليل الأثر. ولكن، للإجابة على السؤال الذي يقول لماذا نشأ مثل هذا التوقع الواسع النطاق بين الرأي العام في العالم والمنطقة، وبقي دون إجابة، وتبخّر جبل ادعاءات النظام الصهيوني؟.

 تظهر تحليلات وأخبار متناقضة في الفضاء الإعلامي والسياسي، ولكن في باطن هذه التحليلات، هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة عدوها الرئيس في المنطقة.

حرب نفسية غير مسبوقة على إيران

لقد شنّت قوات الإحتلال الإسرائيلي هجوماً جوياً على إيران بعد شهر واحد من عملية “الوعد الصادق 2” والتي تم خلالها قصف أجزاء مختلفة من الأراضي المحتلة بصواريخ إيرانية رداً على جرائم الاحتلال. لكن ما نشرته وسائل الإعلام الغربية خلال هذا الشهر يختلف كثيراً عن الواقع.

وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية أطلقت حملة إعلامية واسعة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث عملت وسائل الإعلام العبرية ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية التابعة لها في بعض القنوات الفضائية على بث أخبار كاذبة حول كيفية شن الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران، وذلك بهدف زرع الخوف واليأس في المجتمع الإيراني وإثارة حالة من عدم الإستقرار في البلاد.

لم تحدد الدعاية الإعلامية موعداً دقيقاً لهذا الحدث، ولكنها وصفته بأنه ضخم جداً ومُدمِّر. ووفقاً لما أُعلن خلال الشهر الماضي، فقد تم تحديد المنشآت النووية والمراكز العسكرية ومقرات إنتاج الأسلحة والمصانع والمصافي والكثير من البنى التحتية كأهداف رئيسة للكيان الصهيوني، والتي كان من المقرر تدميرها. ودخلت الحملة النفسية لوسائل الإعلام المقربة من الكيان الصهيوني مرحلة جديدة بكشفها عن بعض المعلومات البديهية حول التشكيلات العسكرية للجيش الإسرائيلي، وحاولت استخدام هذه الوثائق المزعومة بأنها “مسربة” لتضخيم القوة الكامنة في الهجوم الصهيوني المرتقب.

في ذات السياق سعت وسائل الإعلام الغربية، حتى تلك التي تُصنف نفسها بأنها مهنية، في هذا التنسيق المتعمد، إلى التأثير نفسياً على المجتمع الإيراني وزيادة الضغط على السلطة الحاكمة من خلال الإعلان عن توقيت وتفاصيل تقريبية لعدوان الكيان الصهيوني. كما تم متابعة الإعلان عن الأماكن المحتملة للعدوان بهدف خلق الرعب والهلع بين سكان تلك المناطق وإحداث الفوضى.

إلاّ أن الحيّل المُستخدمة اصطدمت قبل بدء العدوان بجدار الوعي والصبر لدى الشعب الإيراني، ولم تنجح أيٍ من الفخاخ النفسية التي نصبتها هذه الوسائل الإعلامية المُقربة من إسرائيل والولايات المتحدة. ولذلك، كان لا بد من انتظار سيناريو جديد، وقد بدأ ما بعد العدوان، بنشر بعض الصور والفيديوهات المُزيفة والقديمة.

وخلال الساعات الـ 12 الأولى من بدء هذا العدوان، تم تداول صور لعدوان إسرائيلي على بيروت على أنها صور لهجوم إسرائيلي على إيران، وصور قديمة لإنفجار في مصفاة نفط طهران، وادعاءات بصدور صوت الإنذار الأحمر في إيران (في حين أن الفيديو كان يتعلق بإسرائيل)، والإعلان عن عدد الطائرات والأهداف التي تم استهدافها وعدم تناسب الهجوم مع هذه الأرقام، وحتى الترويج الإعلامي لبعض القنوات العبرية لخبر كان في الواقع أقرب للنكتة لأحد القنوات الإخبارية عن أحد نجوم السينما الإيرانية. لقد كانت هذه المجموعة من الإجراءات من بين أساليب التضليل التي اعتمدتها وسائل الإعلام العبرية والغربية في الساعات التي أعقبت الهجوم الإسرائيلي.

كما أظهرت وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية المؤيدة للكيان الصهيوني رد فعل مثير للتفكير تجاه هذا العدوان، حيث عبرت غالبيتها عن استيائها وغضبها من محدودية الهجوم، ومن القدرات الدفاعية لإيران، وحتى قلة عدد الشهداء في هذا الهجوم!.

هل أنَّ إسرائيل لم ترغب في ذلك حقاً أم أنها رغبت ولكنها لم تستطع؟

لقد أثار التصدي السريع والناجح للدفاعات الجوية الإيرانية للهجوم الجوي الإسرائيلي والأضرار المحدودة جداً لهذا الهجوم سؤالاً بالغ الأهمية في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية حول هذا الهجوم يمكن تبسيطه على النحو التالي: “هل كانت إسرائيل غير راغبة في شن هجوم واسع النطاق على إيران، أم أنها لم تمتلك القدرة على تنفيذ هذه الرغبة؟”.

 عند دراسة الجزء الأول من هذا السؤال والرجوع إلى سلوك إسرائيل تجاه خصومها، يمكننا القول بشكل قاطع أن تل أبيب لم تتردّد ولن تتردّد في إغتنام أي فرصة لشن هجوم وتُسبِّب أضرار واسعة النطاق للجمهورية الإسلامية الإيرانية في أي ظرف أو موقف. لذلك، فإن الأضرار المحدودة للهجوم الذي وقع فجر السبت الماضي ليست بسبب عدم رغبة هذا الكيان الغاصب، بل بسبب عجزه عن مواجهة إيران. ومع ذلك، وحتى مع افتراض المستحيل وهو عدم الرغبة في توسيع نطاق الحرب مع إيران من جانب إسرائيل، يجب أن ندرج هذا الأمر أيضاً ضمن أسباب عجز الكيان الصهيوني. فعدم الرغبة في الحرب ليس بدافع الخير تجاه المنطقة وإيران، بل بسبب الخوف والضعف اللذيّن أصيبت بهما إسرائيل بعد عام من الحرب الإستنزافية في غزة ولبنان وفشلها
في تحقيق أهدافها.
لقراءة المزيد اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى