يُعتبر سيناريو اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط فكرة مخيفة تحمل في طياتها عواقب وخيمة على جميع الدول في المنطقة، سيما العراق، فالاقتصاد العراقي، الذي بدأ يتعافى على نحو بطيء بعد سنوات من الصراع والتقلبات، سيكون من بين أكثر الاقتصادات تأثراً بحرب من هذا النوع.
إن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عام على غزة أدى إلى معاناة إنسانية هائلة، حيث يعاني المدنيون الفلسطينيون من آثاره الكارثية المباشرة على كل مناحي حياتهم اليومية.
ووفقاً لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث انخفض النمو من 5.6% في عام 2022 إلى 2% في عام 2023، مع توقعات بزيادة طفيفة إلى 2.7% في عام 2024.
تتزايد المخاوف بشأن تأثير الصراع المستمر في الشرق الأوسط على اقتصادات المنطقة، حيث يظل مستوى التأثير غير مؤكد ويعتمد على عدة عوامل مثل مدة الصراع وشدته وإحتمالات توسعه لمديات غير معلومة. ومن المتوقع أن يشكِّل نشوب صراع واسع النطاق تحدياً اقتصادياً كبيراً، مما يستدعي جهوداً دولية فعالة لمنع التصعيد.
لقد تأثرت اقتصادات منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير جرّاء العدوان المستمر على غزة ولبنان، حيث تعاني دول المنطقة سيما المجاورة لفلسطين من تداعيات اقتصادية سلبية. على سبيل المثال فإن السياحة، التي كانت تمثل ما بين 35% إلى 50% من صادرات هذه الاقتصادات في عام 2019، شهدت تراجعًا حاداً نتيجة المخاوف من التصعيد، مما أثر بشكل كبير على مصادر النقد الأجنبي والعمالة.
في هذا السياق يُعتبر الاقتصاد العراقي واحد من أكثر البلدان اعتمادا على النفط في العالم. على مدى العقد الماضي، شكلت عائدات النفط أكثر من 99٪ من الصادرات، و 85٪ من ميزانية الحكومة، و 42٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعله اقتصاداً أحادي الجانب يفتقر إلى التنوع.
كذلك يعاني العراق من عقبات هيكلية مستدامة تؤثر سلباً على قدرته على التنويع، مما يُعزى جزئياً إلى ضعف التوجه الحكومي في معالجة هذه القضايا.
يجد العراق نفسه اليوم بعد مضي قرابة عقدين على الحرب في 2003 عند مفترق طرق، حيث يعاني من حالة متزايدة من الهشاشة وعدم الاستقرار. وتشير التقارير إلى أن العراق قد يُسجِّل أسوأ أداء له على صعيد النمو السنوي لإجمالي الناتج المحلي منذ سقوط نظام صدام حسين، وذلك بسبب عدة عوامل منها جائحة فيروس كورونا، وصدمة أسعار النفط، والاحتجاجات الأخيرة.