المصدر: دبلوماسي إيراني
الكاتب: ميرجواد ميرغلوي بيات
لم يتغير إدراك التهديد الذي يُشكِّله حزب الله بالنسبة للإسرائيليين والأميركيين فحسب، بل أظهر حزب الله أيضاً تهديداته على أرض الواقع.
هناك نظريات في العلاقات الدولية تستعير من علم النفس مفهوم “إدراك التهديد”، وترى أنه أكثر أهمية في فهم سلوك الدول من مجرد “النوايا” أو حتى “الأفعال التهديدية” نفسها. حيث يمكن استخدام الإطار النظري الذي تقدمه هذه النظريات لتحليل حرب إسرائيل الحالية على لبنان بشكل أفضل.
إنَّ إدراك الجهات الفاعلة في بيئة دولية فوضوية للتهديدات التي تواجهها يُعدّ أحد أهم العوامل التي تدفعها لإتخاذ إجراءات أمنية وعسكرية. ويتباين إدراك كل طرف للتهديدات باختلاف الزمان والمكان. فعلى سبيل المثال، لا يتساوى إدراك تهديد القوة الصاروخية لحركة أنصار الله، كونها على مسافة ألفي كيلومتر من الأراضي المحتلة، مع إدراك تهديد القوة الصاروخية لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي المتواجدة على الحدود مباشرة مع إسرائيل.
كذلك، يختلف إدراك تهديد حزب الله في عام 2024 عن إدراكه في عام 2006 اختلافاً جذرياً. وكمثال آخر، لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة إدراك التهديد الإيراني في تسعينيات القرن الماضي بإدراكه في العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين. ولهذا التفاوت في إدراك التهديد الإيراني، تشهد إيران اليوم أشد الضغوط التي تواجهها منذ الثورة الإسلامية.
في النظريات المتعلقة بإدراك التهديد، تسعى الأطراف الفاعلة إلى زعزعة توازن القوى من خلال تعزيز مكونات قوتها. وهنا، يكون المكون الأساسي للقوة هو المكون الكلاسيكي ألا وهو القوة العسكرية، مع أهمية مكونات القوة الأخرى كالاقتصاد والعمق الحضاري والتماسك الاجتماعي وغيرها.
لقد قام حزب الله اللبناني خلال العقديّن الأخيريّن بتحسين المكون الأساسي لقوته، أي قوته العسكرية، كماً ونوعاً، وهو الأمر الذي لا يحتاج إلى شرح أو تفسير، حيث يكفي أن نركِّز أكثر على نوعية وكمية العمليات التي قام بها بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وهذا التنامي في قوة حزب الله، إلى جانب العمق الإستراتيجي للمقاومة، والذي ساهم بشكل كبير بعد الربيع العربي في المُكِّون الكلاسيكي للقوة، أي القوة العسكرية، تسبّب في تغيير إدراك إسرائيل لتهديد حزب الله، كما أن حزب الله أصبح قادراً على توجيه المزيد من الضربات الأساسية والموجعة لإسرائيل.