المصدر: المركز الدولي لدراسات السلام – IPSC
الكاتب: السيد إسلام ذو القدر بور
تتداخل القضايا الجيوسياسية في جنوب غرب آسيا بشكل معقد وحاد، لتصبح تحديات متعددة الأبعاد ومتعددة الأجيال، ويتجلى الطابع متعدد الأبعاد، وهو عنصر أساسي في صناعة السياسة العامة، في جميع قضايا المنطقة، مؤثراً بشكل كبير على هشاشة النظام الإقليمي.
ويمكن ملاحظة هذا الطابع متعدد الأبعاد في تسييس القضايا الاقتصادية في المنطقة، بل وجعلها طائفية وقومية، وفي إعتماد السياسات الطائفية والمذهبية من قبل الأطراف الفاعلة ضمن تحالفات طائفية ومذهبية أيضاً.
أما التحدي المتعدّد الأجيال في القضايا، وخاصة الجيوسياسية في جنوب غرب آسيا، والذي يؤدي إلى تفاقم المشكلة أو الأزمة في النظام السياسي الإقليمي، فإنه لا يشمل الحكومات فحسب، بل يشمل أيضاً الطوائف والأعراق والقبائل والعائلات الكبيرة والمشهورة، مما يجعل المشهد الجيوسياسي في جنوب غرب آسيا غامضاً وأكثر تعقيداً.
ويمكن رؤية هذا التفاقم المستمر للمشكلات، وانتقالها إلى أزمات ثم إلى كوارث، في نموذج تطلعات إقامة دولة كردستان الكبرى. إنه نموذج للتآكل الجيوسياسي، وقد شمل عدة أجيال من صناع القرار الرئيسيين في المنطقة، وضحّى بأجيال عديدة من الأكراد.
وقد صاحب تآكل الأكراد على مدى أجيال عديدة في هذه المنطقة الحسّاسة، والتي شهدت مواجهة طويلة الأمد وصراعاً متصاعداً مع الحكومات، عنصر خاص يتمثل في الصراع والحرب على السلطة داخل المجتمع الكردي.
ومع تزايد الصراع على السلطة في إقليم كردستان العراق، عادت قضية المطالبة بدولة كردستان الكبرى إلى مسار من اليأس طويل الأمد والتدهور. فالصراع الكردي من أجل الاستقلال أو الحصول على حكم ذاتي في إطار نظام فدرالي، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن، أدى في النهاية إلى تشكيل إقليم كردستان العراق ككيان ذاتي الحكم ومحدود في الوقت نفسه، والذي لم يحقق النجاح المنشود ولم يلبي طموحات المواطنين الأكراد.
ويمكن إرجاع أسباب فشل حكومة إقليم كردستان العراق في تحقيق حلم الدولة الكردية الكبرى إلى الانقسامات السياسية والعرقية بين الأكراد العراقيين وصراعاتهم الدائمة على الزعامة والسلطة السياسية والعسكرية في المنطقة الكردية. كما أدى الصراع على النفوذ بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردي، بالإضافة إلى الاضطرابات الداخلية، إلى تدخل وتأثير الدول المجاورة في شؤون إقليم كردستان العراق وكذلك إلى تقويض قدرة الإقليم في الحفاظ على استقلاليته النسبية في ظل الظروف الجيوسياسية الحسّاسة.