الباحث والكاتب: حسن الصرّاف
يُعد إنتاج النفايات الصلبة من الأزمات البيئية العامة في أرجاء العالَم التي تتفاقم بوتيرة عالية، وعلى الرغم من أنَّ هذه الأزمة البيئية تشمل أنواعاً عديدة من النفايات على مستوى الصناعة والزراعة، إلاّ أنَّ النوع الأكثر إثارة للقلق هي النفايات الصلبة التي ينتجها الأفراد في المدن والتي تشمل كماً هائلاً من المواد الكيميائية والزجاج والورق والبلاستك والخشب والمعدن وغيرها من المواد الصلبة التي يستهلكها ملايين الأفراد يومياً ويرمونها في سلّة المهملات
بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، كان إنتاج النفايات الصلبة في العالَم في عام 2012 يُقدّر بنحو 1 مليار طن في كلّ عام، ويُتوقّع أن يبلغ 2.2 مليار طن في عام 2025. وهذا يعني أن إنتاج النفايات الصلبة في العالم – ونحن على أعتاب عام 2025 – يمضي في وتيرة متزايدة، لا سيما في بلدٍ مثل العراق الذي يشهد نمواً واضحاً على مستوى السكان.
ومع النمو السكاني المتوقع خلال العقود المقبلة لبلدان المنطقة، قد تصل كمية النفايات الصلبة المحلية التي ينتجها مجموع سكان الشرق الأوسط إلى نحو 580 طناً في اليوم الواحد بحلول العام 2030! وبحسب ما جاء في موقع الأمم المتحدة: «إذا وضعنا النفايات الصلبة البلدية الناتجة خلال عام واحد في حاويات شحن قياسية ورتلناها واحدة تلو الأخرى، فسيبلغ طولها ما يعادل الالتفاف حول الكرة الأرضية 25 مرة!»
لا شك في أن مشاكل البيئة وإنتاج النفايات بكميات هائلة تشكّل واحدة من أهم الأزمات على مستوى إدارة المدن والتخطيط الحضري. فوفقاً لدراسة أعدتها شركة IQ Air السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء، حلّ العراق في المركز الثاني في قائمة أعلى دول العالم تلوثاً لعام 2023. وسجلت تشاد، تلوثاً بنسبة 89.7 ميكروغرام في المتر المكعب وهي أعلى نسبة تلوث في العالم، وأكثر بـ17 مرة من توصيات نقاوة الهواء القياسية التي حددتها منظمة الصحة العالمية بـ2.5 جزيء في المتر المكعب.
وقد جاءت مرتبة العراق ثانياً بـ80.1 ميكروغرام، وباكستان ثالثة بـ70.9 ميكروغرام، والبحرين بـ66.6 ميكروغرام، وبنغلاديش بـ65.8 ميكروغرام.
أمّا دراسة مخاطر هذه الأزمة البيئية على الأفراد عموماً وعلى النظام الصحي والموارد المائية والطبيعية والتربة الخصبة والأراضي الزراعية ونحوها، فإنها تتطلّب مجالاً آخر، وإن كانت هذه المخاطر غير خفية على المراقبين، فهي أزمة من شأنها أن تهدّد على المدى المتوسط والبعيد الأمن القومي أيضاً.
تحاول هذه الورقة أن تلخص جملةً من الحلول العصرية المتاحة لمعالجة أزمة النفايات المتفاقمة في العراق، ومن شأن كلّ فقرة مذكورة في هذه الورقة أن تسلط عليها الأضواء بالتفصيل في دراسة علمية مستقلة.