الاقتصاد والتنميةالتعليم والمجتمعالصحة والسلامة العامةاوراق بحثية

التنمية المُستدامة والبُعد النفسي في التغيير

قسم الابحاث والترجمة

الباحث والكاتب: محمد الوائلي

تتطلب التنمية المستدامة النجاح في إجراء التغيير في الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية والبيئية. ولكن تمتاز عملية التغيير بكونها عملية صعبة ومعقدة وغالباً ما تكون نِسب النجاح فيها مُتدنّية. أحد أهم اسباب ذلك يعود إلى التعقيدات في الجانب النفسي التي تُصعّب عملية التغيير، وإلى الأخطاء الفادحة التي يتسبب بها من يقود التغيير نتيجةً لإهمال هذا الجانب.

يستعرض هذا المقال بعضاً من الجوانب النفسية والدور السلبي الذي تلعبه على مستوى الأفراد والمجموعات في عملية تغيير الأنظمة والمؤسسات، وضرورة الإلتفات اليها من أجل إنجاح عملية التغيير، خصوصاً في العراق حيث تعرّض سكّان هذا البلد إلى صدمات نفسية متتالية على مدى عقود من الزمن.

الصدمات على المستوى الفردي

تُعتبر قضايا التغيير في صلب إهتمام علوم التنمية المستدامة، لأن التفكير في تنمية مُستدامة يكتنف في جوهره تغيير الأساليب القديمة في التفكير والعمل التى أدّت إلى حياة غير مُستدامة على وجه الارض وإلى إنهيار تدريجي للأنظمة التي تُمكِّن من إستمرار الحياة فيها. وأهم ما يجب ان يتغيّر هو الأنظمة والبنى الاجتماعية والاقتصادية التي تتأثر وتؤثر في الأنظمة البيئية لإعادة خلق التوازن بينها والذي يمثل الشرط الأساسي للإستدامة.

إحدى المواضيع الحساسة والمهمة تتمثل في الصدمات والتي لها أثر كبير في عمليات التغيير سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. بصورة عامة فإن الصدمة هي أشبه ما تكون بالجرح غير المرئي، والغير مندمل نتيجةً لحدث أو لمجموعة من الأحداث والظروف التي تؤثر على الجانب النفسي والجسدي والإجتماعي للإنسان.

يقوم دماغ الإنسان أثناء حدوث الصدمة بتوليد مجموعة من ردات الفعل غير الإرادية كمحاولة لحماية الإنسان من الآثار السلبية للصدمة. بعد انتهاء الصدمة تختفي ردة الفعل ويتم عزل الحدث الذي تسبب بالصدمة من الذاكرة الواعية وتخزينه في اللاوعي. وهذا يسمح للفرد بالاستمرار في حياته وحمايته من الآثار السلبية لها. ولكن إذا لم يتعامل الفرد بصورة صحيحة مع الصدمة بعد حدوثها ويعالجها بصورة فعّالة فإن أي حدث مشابه للحدث الذي تسبّب بها قد يثير نفس ردة الفعل الأولى حتى بعد سنين طويلة، وبالتالي تتحول ردة الفعل هذه إلى إستجابة مرضية تُعقد حياة الإنسان

لقد تطور الفهم للصدمات وتأثيراتها النفسية في دراسات علم النفس المعاصر وتم توليد الكثير من العلاجات منذ أن بدأ “جين مارتين كاركوت” بالحديث عن اثار الصدمات في الماضي والعواطف الشديدة التي تُسبّبها على سلوك الانسان. وبصورة عامة يمكن ان تأخذ ردة الفعل تجاه الصدمات ثلاث اشكال أساسية

أولا: المجابهة

  • وهي الحالة التي تتسم بالإثارة والعنف والرغبة بالسيطرة والتي يمكن ان تأخذ أشكال مُختلفة مثل النقد اللاذع وردود الفعل المبالغ فيها تجاه أخطاء بسيطة، إدانة الآخرين من دون تقبّل أي اعذار منهم، واعتبار الأخطاء التي يرتكبونها هي صفات سيئة ثابته في شخصياتهم، ومن ثم يتحول انعدام الثقة إلى حالة مرضية يمكن ان تأخذ شكل حجب المعلومات المهمة عنهم.

لقراءة المزيد اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى