الباحث والكاتب: حيدر الخفاجي
تتداخل النزاعات في سوريا وفلسطين ولبنان وأوكرانيا بشكل عميق، مما يعكس مشهداً جيوسياسياً أوسع يتأثر بالديناميات الإقليمية والعالمية. وتُوضح الأحداث الأخيرة كيف أن الأعمال العسكرية في منطقة معينة غالباً ما تؤثر على مناطق أخرى من العالم، مما يؤدي إلى تغييرات في التحالفات والإستراتيجيات على الصعيديّن الإقليمي والدولي.
التصعيد الإيراني – الإسرائيلي
لا يمكن النظر إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا وإيران ولبنان واليمن بمعزل عن التصعيد الإقليمي المتزايد بين إيران وإسرائيل. فقد خرجت هذه المواجهة من إطار “حرب الظل” التقليدية لتأخذ منحى أكثر علنيةً وتصعيداً. وتأتي هذه الهجمات في سياق تحوّل في مقاربة إسرائيل لأبعاد ومستويات الصراع مع إيران، حيث باتت تنخرط بشكل أكثر مباشرة في المواجهة العسكرية بدلاً من الاكتفاء بالعمليات السرية والإغتيالات التي تستهدف الشخصيات الإيرانية.
وقد دفع هذا التصعيد الإسرائيلي إيران إلى التخلي عن سياسة “الصبر الإستراتيجي” والرد بشكل مباشر على الهجوم على مجمع سفارتها في دمشق. وبعد عملية إغتيال الزعيم الفلسطيني إسماعيل هنية في قلب طهران، تسعى إيران الآن إلى الرد على الهجوم الإسرائيلي بشكل “منضبط” و”غير تصعيدي” بمؤازرة حلفاء لها في المنطقة لشن هجمات على إسرائيل.
في سياق متصل، تأتي مغامرة أوكرانيا في نقل الحرب إلى أراضي روسيا عبر الهجمات على المناطق الحدودية والمرافق الروسية الحيوية لتزيد من حدة التوتر الإقليمي والدولي. فالصراع الأوكراني – الروسي له تداعيات مباشرة على الأوضاع الإقليمية، سيما في ظل التحالفات والتوترات القائمة.
وتُشكّل هذه المتغيّرات في مجملها بيئة إقليمية متفجّرة تحتاج إلى حكمة سياسية وضبط نفس لتفادي إنزلاق المنطقة إلى مواجهات واسعة النطاق، فالصراع بين إيران وإسرائيل هو صراع على النفوذ والهيمنة في المنطقة.
إن أوروبا وروسيا والصين ودول المنطقة، ومنها الدول العربية، تُصر على إنهاء الإحتلال والمذبحة في غزة. ويبدو أن البيت الأبيض أصبحت لديه نفس النية في الظاهر، على الأقل في فترة إحتدام المنافسة في الإنتخابات الرئاسية الأميركية.
في هذا السياق حذّرت الولايات المتحدة إيران بشكل مباشر وغير مباشر من عواقب خطيرة في حال قامت طهران بالرد على الهجوم الأخير الذي استهدف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
فيما أشارت التقارير الإستخباراتية إلى أن إيران تستعد لتزويد روسيا بمئات الصواريخ الباليستية. وجاء تحذير آخر من حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأن نقل هذه الصواريخ سيمثل “تصعيداً خطيراً في دعم إيران للحرب الروسية على أوكرانيا”. وبذات النبرة دأب البيت الأبيض على التحذير من تعميق الشراكة العسكرية بين روسيا وإيران منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، مما يشير إلى أن أي تصعيد إيراني سيواجه رداً أميركياً حازماً.