المصدر: دبلوماسي إيراني
الكاتب: بهاء الدین بازركاني كیلاني
لطالما شعرت الديمقراطية الهندية، وهي نموذج فريد من نوعه، بأنها محاصرة بين عالميّن هما، العالم الإسلامي المحيط بها من جهة، والصين الشيوعية من جهة أخرى. وقد أدت هذه التهديدات إلى تبني الهند سياسة الحياد إلى حد كبير بعد استقلالها.
بعد ثلاث حروب كبيرة خاضتها الهند والصين في فترة ما بعد الاستقلال، تبنى قادة البلديّن الجُدد سياسة تخفيف التوتر بينهما. ومع ذلك، لا يزال البلدان يختلفان اختلافاً عميقاً في وجهات نظرهما السياسية، ويمكن القول إن العلاقات بينهما لم تكن باردة ومتوترة كما هي عليه اليوم منذ عام 1962. والحقيقة هي أن البلديّن الآسيوييّن الكبيريّن متعارضان، لكن لا يمكن اعتبارهما عدويّن، لأنهما جاران، ولديهما تبادلات تجارية واسعة، وكلاهما يعلم أنه يجب عليهما العيش معاً سواء بِحُسن أو بسوء.
الحدث الأخير الذي زاد من التوتر في العلاقات الثنائية هو الإشتباك العسكري الذي وقع على الحدود بين البلديّن في منطقة “غالوان” بولاية لداخ الهندية في عامي 2020 و 2021، والذي أسفر عن مقتل 20 جندياً هندياً. وكانت هذه الحادثة والعدد الكبير من القتلى غير مسبوقين منذ حوالي خمسين عاماً. وكان البلدان قد اتفقا على عدم نشر وحدات عسكرية كبيرة بالقرب من المناطق الحدودية المشتركة، وترى السلطات الهندية أن الصين انتهكت هذا الإتفاق في ذلك العام. بالطبع، لم يكن هذا الحدث مفاجئاً، حيث قامت الصين بتشييد بنى تحتية جديدة على طول الحدود المتنازع عليها في جبال الهمالايا، و فعلت الهند الشيء نفسه إلى حد ما.
لقد بلغت الصين من التقدم والتطور درجة تجعلها تعتقد بقدرتها على حسم النزاعات الحدودية لصالحها. فالميزانية العسكرية الصينية تفوق نظيرتها الهندية بخمسة أضعاف، ورغم ازدياد حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل يومي لصالح الصادرات الصينية، ووجود عجز تجاري هندي مع الصين يقدر بمئة مليار دولار، إلاّ أن النقطة الأهم تكمن في التوسع المتزايد للوجود العسكري الصيني في المحيط الهندي، مما يُشكّل تحدياً كبيراً. فالهند، رغم إمتلاكها لقوة بشرية كبيرة، تعاني من نقص في قوة بحرية قوية قادرة على ردع الصين.
هل الهند مضطرة للشراكة والتعاون مع الولايات المتحدة؟.
لطالما أكد الصينيون على ضرورة إرجاء الخلافات الحدودية والتركيز على التجارة كما كان يحدث في الماضي، بهدف طمأنة الهند. وعلى النقيض من ذلك، تصرّ الهند على ضرورة تسوية الخلافات الحدودية قبل أي شيء آخر. يرى المسؤولون الهنود أنهم تجاهلوا هذه الخلافات لمدة ثلاثين عاماً، ولكن الصين هاجمتهم، مما زعزع ثقتهم. وربما تكون الصين، بمثل هذه التصرفات، تدفع الهند بشكل غير مقصود إلى أحضان الولايات المتحدة.