الباحث والكاتب: حيدر الخفاجي
تجاوزت الحرب على غزة، التي مضى عليها أكثر من عشرة أشهر، حدودها الجغرافية المحلية وتسبّبت في توترات عسكرية خطيرة في منطقة الشرق الأوسط.. صراعات مُميتة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.. هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وعلى تل أبيب، ومن جهة أخرى هجمات القوات المتحالفة مع إيران ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
بعد قيام إسرائيل بإغتيال فؤاد شكر، أحد كبار قادة حزب الله في بيروت، بذريعة الرد على هجوم صاروخي نُسب لحزب الله في مرتفعات الجولان، ومن ثم إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، يرى مراقبون أن هذه الضربات المتتالية قد تؤدي إلى إندلاع حرب إقليمية في المنطقة أكثر كارثيةً من الحروب السابقة.
تأثير الهجوم على الأمن الوطني الإسرائيلي:
تعمل إسرائيل على تصعيد التوترات بشكل خطير الآن لعدة أسباب ذات بُعد إستراتيجي، تتعلق بالوضع الأمني الإقليمي، والتهديدات التي تواجهها من قبل حماس وحزب الله، بالإضافة إلى حسابات داخلية تتعلق بالحكومة الإسرائيلية الحالية. من المؤكد أن الهجمات الأخيرة ليست غير مسبوقة في حد ذاتها، فإسرائيل لها تاريخ طويل في إغتيال القادة الفلسطينيين، وسبق وأن قتلت المئات من عناصر حزب الله في لبنان وسوريا. كما أثبتت إسرائيل منذ فترة طويلة قدراتها الإستخباراتية التي تسمح لها بالإختراق داخل إيران.
وحتى الآن لم تؤد الجولة السابقة من التوترات على مدى الأشهر العشرة الماضية إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. لكن خفض التصعيد والإحتواء النهائي غير مضمونيّن على الإطلاق، ذلك إن الحسابات العقلانية لأي حكومة يمكن أن تتأثر فجأة بالأحداث على الأرض وتقودها إلى حسابات خاطئة أو حتى قرارات تؤدي إلى صراع أوسع.
إن سرعة وطبيعة الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تزيد بشكل كبير من خطر إندلاع حرب إقليمية في المنطقة. وقادة إسرائيل يدركون أن الاغتيالات المتعاقبة التي طالت فؤاد شكر وإسماعيل هنية من المرجّح أن تثير ردود أفعال انتقامية من جانب طهران وغيرها من الجماعات المسلحة الموالية.
تُسلط التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الغربية مؤخراً الضوء على قدرة إسرائيل في تنفيذ ضربات عسكرية بتقنية عالية تطال العمق الإيراني. وبعد هجوم 7 أكتوبر، قد تعطي هذه التقارير الإنطباع بأن الجيش الإسرائيلي أصبح لا يُقهر مرة أخرى. لكن هذا الإنطباع يُسيء تفسير الحقائق الصعبة التي تواجهها إسرائيل.
ويرى خبراء عسكريون أن إسرائيل أصبحت بحاجة إلى إظهار إنجازات عسكرية لتعزيز شرعيتها، فالعمليات الإسرائيلية قد تكون جزءًا من إستراتيجية لإستعراض القوة أمام الجمهور الإسرائيلي، وتحركاتها الإقليمية ليس لأنها تشعر بالقوة، بل لأنها تشعر بالضعف.