الاقتصاد والتنميةاوراق بحثية

تحدي قياس الاقتصاد بصورة مستدامة

قسم الابحاث والترجمة

الباحث والكاتب: محمد الوائلي

المقدمة

يعتبر «الناتج المحلي الاجمالي Gross Domestic Product (GDP)» من اهم المعايير التي يتم استخدامها من أجل قياس النمو الاقتصادي والتقدم التنموي حيث تعتبر المعادلة التي يتم من خلالها استخراج رقم الـ «GDP» من اقوى المعادلات التي تتحكم بمصير الاقتصادات في العالم. ولكن يعتبر الكثير من الخبراء طريقة قياس الـ «GDP» طريقة سطحية تركز بصورة كبيرة على النمو وتهمل الكثير من الخصائص والجوانب الحيوية للاقتصادات. أكثر من ذلك، يحمل مختصون آخرون معيار الـ «GDP» مسؤولية الكثير من المشاكل الاقتصادية والتي اثرت سلباً على البيئة الطبيعية والمجتمعات المختلفة وتسببت بكثير من الازمات.

تناقش هذه الورقة اسلوب قياس الـ «GDP» والعوامل التي تجعل هذا المقياس يتسبب بمشاكل عديدة وما هي الجوانب التي يجب تغييرها من اجل الحصول على مقياس أكثر استدامة في المستقبل. وفي الوقت الذي تعتبر هذه القضية شأن دولي وبالتالي يتحمل معالجتها المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، الا ان هناك بعض الامور التي يمكن للعراق القيام بها في هذا المجال منها متابعة المناقشات والتطورات التي تحصل في مجال القياسات الاقتصادية المختلفة واهميتها.

معادلة الـ «GDP» ونشأتها:

اهتمت الدول منذ القدم بالحصول على البيانات حول مواردها وخدماتها وكذلك دخل مواطنيها حتى يساعدها ذلك في التخطيط وفرض الضرائب. كان هذا الامر أساسياً في الانظمة الاشتراكية حتى قبل شيوع مفهوم الناتج الاجمالي المحلي حيث كانت الدولة تخطط أكبر قدر ممكن وبالتالي كانت بحاجة الى معلومات ادق، مما ادى الى متلاك الاقتصاديون والمخططون في الانظمة الاشتراكية خبرة أكبر في هذا المجال من الدول الرأسمالية. وعليه عندما ارادت الولايات المتحدة تطوير آلية لقياس «الناتج المحلي القوميGross National Product (GNP)» في عام ١٩٣٤، استعانت بالاقتصادي «سيمون كوزنتس Simon Kuznets» من اصول روسية والذي قام بتطوير هذا المقياس بتكليف من مجلس الشيوخ الامريكي حيث نشر ورقة بحثية بعنوان «الدخل القوميNational Income» حاول فيها درج الدخل الامريكي من مصادره المختلفة. وعلى الرغم من ان عمله الجاد والمضني من اجل تطوير هذا المفهوم ادى في النهاية الى فوزه بجائزة نوبل للاقتصاد، الا انه تم استبعاده لاحقاً من اجراءات حسابات الدخل القومي

في عام ١٩٩٠ تم استبدال مقياس «الناتج القومي الاجمالي Gross National Product» الرائج منذ الحرب العالمية الثانية بمقياس «الناتج المحلي الإجمالي Gross Domestic Product» ولكن جذور المفهوم هي متقاربة. وبصورة عامة تهدف معادلة الـ «GDP» الى قياس ما يتم صرفه من قبل المواطنين وما تقوم به مؤسسات الاعمال والحكومات من استثمارات وتطرحه من خدمات في السوق. بمعنى ادق، يمثل الناتج المحلي الاجمالي القيمة المالية لجميع المنتجات والخدمات التي يتم طرحها او تقديمها في بلد ما خلال فترة زمنية معينة. وتكون هذه الفترة الزمنية عادة سنة كاملة، ولكن هناك أيضاً قياسات مرحلية لكل ربع سنة مالية يتابعها المحللون الماليون والخبراء الاقتصاديون وكذلك متخذي القرار بدقة؛ ويحاول التنبوء بما سوف يحصل في الاقتصاد واتخاذ إجراءات مناسبة.

لقراءة المزيد اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى