الباحث والكاتب: حيدر الخفاجي
في سياق الإقتصاد، يشير مصطلح “المساواة في الاقتصاد” إلى السعي لتحقيق توزيع أكثر عدالة للثروة وتحقيق فرص متساوية للجميع فيما يتعلق بالعمل والدخل والتعليم والصحة وغيرها من جوانب الحياة.
أما عن مصطلح “الأمن” في هذا السياق، فهو يشير إلى السعي لتحقيق الاستقرار والأمان على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، ويتطلب ذلك التعامل مع التحديات الأمنية المختلفة مثل الصراعات المسلحة والإرهاب والتهديدات السيبرانية والتغير المناخي وغيرها. وينبغي التعامل مع هذه المصطلحات والتحديات بشكل متوازن ومعتدل، وفقًا للظروف والقيم والأولويات المختلفة في كل بلد ومجتمع.
في هذا السياق يُعد تحقيق المساواة في الاقتصاد والأمن التحدي الأكبر لأنه يتطلب جهوداً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص. كما يتطلب تبني سياسات اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز النمو الشامل والمستدام وتوفير فرص عادلة للجميع، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
وتعد المنافسة بين القوى العظمى من أهم العوامل المؤثرة على الأمن الدولي. وفي فترة من التاريخ المعاصر، عندما كانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي تُعرّفان بالقوتين العظميين في العالم، رأينا أن أساس التنافس السياسي والاقتصادي والأمني بين القوى ينبع من أسس ايديولوجية، لأنه مع إلقاء شبح الشيوعية بظلاله على العالم، باعتبارها فكرة جذابة للجماهير، كان من الطبيعي أن تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها المنافس الأكبر للإتحاد السوفياتي، حامية الليبرالية وهدفها الأساسي هو مواجهة تأثير الأفكار الشيوعية في العالم.
بمعنى آخر يمكن القول أنه في الماضي، سيما خلال الحرب الباردة، كانت معظم التغيّرات التي تحدث هي نتيجة للصراعات الفكرية بين كتلتيّ القوى في الشرق والغرب في العالم، ومن حيث المبدأ، عُرفت كتل القوة هذه بأنها تمثل وجهات نظر عالمية ناتجة عن ايديولوجيات وأفكار فلسفية معينة امتدت بدورها إلى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتسبّبت في تشكيل منافسة كبيرة أُطلق عليها “الحرب الباردة”.
ولكن في حقبة ما بعد الحرب الباردة، عندما أنتقل العالم إلى عصر الأحادية القطبية وترسيخ أمريكا باعتبارها القوة العظمى السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية الوحيدة، واجهت البيئة الدولية تغيّرات بطيئة، نظراً لإنعدام المنافسة بين القوى العظمى، ولهذا حُظيت العديد من الدول النامية، خاصة في آسيا، بفرص لعب دور في الساحتيّن الإقليمية والدولية.
ومع بداية الألفية الجديدة، شهد العالم ظهور قوى جديدة أصبحت بعد عقديّن من الزمن إحدى أهم قواعد تشكيل الوضع الدولي الجديد، ويمكن ذكر الصين على رأسها، حيث دخلت رسميًا إلى فضاء جديد في أوائل العقد الثاني من القرن الحالي، في تحدٍ من الشرق يقابل القوة الأمريكة على الساحة الدولية. وعلى عكس الاتحاد السوفياتي السابق، لم يحاول الصينيون قط تعريف أنفسهم على أنهم خصم ايديولوجي لأمريكا. وتُعتبر الصين اليوم أحد أهم الشركاء التجاريين في العالم للولايات المتحدة رغم المنافسة الشرسة بينهما.
المقال باللغة الأنكليزية: The new world order and the era of equality in economics and security