الباحث والكاتب: حسين حيدر
المقدمة
يُعد العراق واحداً من أكثر البلدان اعتمادا على النفط في العالم ، حيث تمثل عائدات النفط أكثر من 99٪ من الصادرات، و 85٪ من ميزانية الحكومة، و 42٪ من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) على مدى العقد الماضي.
الغالبية العظمى من نفقات الدولة تذهب إلى رواتب ونفقات القطاع العام. وعلى الرغم من وجود سكان شباب وديناميكيين مع أكثر من 700000 خريج جديد يدخلون سوق العمل كل عام، فإن 15٪ من السكان الذين يقدر عددهم ب 44 مليون نسمة عاطلون عن العمل ويعيشون ضمن عوائل محدودة الدخل، فيما يبلغ معدل بطالة الشباب أعلى من ذلك، حيث أن أكثر من 35٪ من الشباب إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم أو التدريب. وحتى في ضوء السيناريوهات المتفائلة لإنتاج النفط، فإن الاعتماد المستمر على النفط وحده لن يُولّد فرص عمل كافية لضمان رفاهية جميع العراقيين.
إن الاعتماد المفرط على النفط يعني أن الاقتصاد العراقي عرضة للهشاشة المالية والأزمات بما يتركه ذلك من آثار كبيرة على موارد الدولة. وقد أدى التعرض لصدمات أسعار النفط إلى تقليص الجهود المبذولة لإعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات للمواطنين، ناهيك عن ضمان فرص العمل للشباب، الذين يمثلون أكثر من 40٪ من السكان.
إن تأثير كوفيد-19 على الاقتصاد العراقي هو أحد الأمثلة الأخيرة على الافتقار إلى المرونة في الاقتصاد العراقي ، ففي العام 2020 كان أداء الناتج المحلي الإجمالي للعراق هو الأسوأ منذ 20 عاما، حيث انكمش بنسبة تقدر بنحو 15.7٪ قبل أن يتعافى إلى مستويات ما قبل الجائحة في عام 2022. وارتفع معدل البطالة بنسبة 10٪، مما أدى إلى تفاقم التأثير على أوضاع النازحين في الداخل، والنساء الباحثات عن عمل، والعاملين لحسابهم الخاص، وكذلك العاملين في القطاع غير الرسمي.
وعلى الرغم من دخول العراق فترة من الاستقرار النسبي بعد هزيمة داعش، إلاّ أن عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية التي أعقبت ذلك أدى إلى عدم ترجمة عائدات النفط العراقية إلى جهود واسعة النطاق لتحويل القطاعات غير النفطية للمساهمة بفعالية في الاقتصاد، على عكس ما يمكن رؤيته في البلدان النفطية في محيط العراق الإقليمي. وإلى جانب الفساد المستشري والتحالفات السياسية الهشة التي تستند عليها الحكومة العراقية، فإن المكاسب النفطية غير المتوقعة خلال أوقات الأداء القوي لأسواق النفط العالمية توفّر الفرصة للحكومة العراقية للتركيز على تطوير القطاع الخاص، الذي يلعب في الوقت الحاضر دورا صغيراً في التنمية الاقتصادية العامة للعراق.
مع تحول العالم بعيدا عن الوقود الأحفوري وسط التحول المناخي العالمي، سينخفض استخدام النفط والطلب عليه، مما يترك الاقتصاد العراقي في فجوة كبيرة لا يمكن ردمها في المدى المنظور من قبل أي قطاع آخر.
المقال باللغة الأنكليزية: Iraqi Private Sector Development: Challenges and Opportunities