الكاتب: ديريك غروسمان
المصدر: مؤسسة “راند” البحثية
في يونيو الماضي، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صورة له وهو يتلقّى هدية من السفير الصيني تساي ران، وكانت عبارة عن نسخ من مجموعة كتب للرئيس الصيني شي جين بينغ المؤلفة من أربعة مجلدات بعنوان “حكم الصين”.
كان ذلك في ذروة التوترات بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن حول خطة التعديل القضائي التي كان الائتلاف اليميني الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي يدفع بها رغم اعتراضات البيت الأبيض.
وقد أشار نتنياهو إلى أنّ “شي” وجّه دعوة له لزيارة الصين، مؤكداً رسالة مفادها أنّ “إسرائيل” لديها مصادر دعم بديلة، ولا تحتاج إلى الاعتماد على واشنطن.
كان من الممكن أن يكون التحول الإستراتيجي نحو بكين مفاجئاً. علماً أن “إسرائيل” كانت أول دولة شرق أوسطية تعترف دبلوماسيا بالحكومة الشيوعية الصينية في عام 1950. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، طوّرت الدولتان علاقات اقتصادية وتكنولوجية وأمنية ودبلوماسية وثيقة، لدرجة أطلقت بعض أجراس الإنذار في واشنطن.
غير أنّ ردّ بكين المفاجيء على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة غيّر هذه الصورة تماماً، إذ لم تقدّم بكين أيّ إدانة لعمليات القتل التي قامت بها حركة حماس يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقد حدّد “ما شين مين”، المسؤول في الإدارة القانونية في وزارة الخارجية الصينية، موقف بكين في جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية في فبراير، بعد قوله إنّ “استخدام الشعب الفلسطيني القوة لمقاومة الإضطهاد الأجنبي واستكمال إقامة دولة مستقلة هو حقّ غير قابل للتصرّف، ويستند إلى أساس راسخة في القانون الدولي”. إضافةً لذلك فقد استقبلت بكين وفداً من حماس الشهر الماضي.
ومنذ بدء الحرب على غزّة، ألقت بكين كل اللوم على “إسرائيل”، في حين امتلأت منصات التواصل الاجتماعي الصينية مثل “ويبو” و “وي تشات” بعبارات ضد “إسرائيل”. وفي إشارة إلى ذلك، قال “آرون كياك”، نائب المبعوث الخاص لرصد ومكافحة معاداة السامية بوزارة الخارجية الأمريكية، في شهر يناير الماضي، “أننا نعلم أن الإنترنت الصيني ليس مجانيا، فهذا قرار واعٍ من قبل الحكومة الصينية للسماح بزيادة هذا النوع من الخطاب وبشكل كبير”.
وبالمثل، عندما أرسلت إيران الشهر الماضي وابلًا غير مسبوق من الصواريخ والطائرات من دون طيار باتجاه “إسرائيل”، أشارت بكين إلى ذلك على أنه “عمل من أعمال الدفاع عن النفس” ردّاً على الضربة الإسرائيلية على القنصلية إيرانية في دمشق. وفي حديثه لنظيره الإيراني بعد الهجوم على “إسرائيل”، قال وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” إنّه “يمكن لإيران أن تتعامل مع الوضع بشكل جيد”.