الكاتب: فاطمة خادم شیرازي (باحثة وأستاذة جامعية)
المصدر: المركز الدولي لدراسات السلامIPSC
30 مارس 2024
شهد الاقتصاد العراقي خلال عام 2023 أحداثًا وقرارات هامة تركت أثرًا عميقًا على مسار السياسة والاقتصاد في العراق، ومن المتوقع أن تستمر آثارها في السنوات القادمة أيضًا.
وشملت تلك الأحداث والقرارات جوانب متعددة، من أهمها ما يلي:
اولا – التطور الاقتصادي
بعد عام من اجراء الانتخابات النيابية عام 2021 وتولي محمد شياع السوداني مهمة تشكيل الحكومة، بدأت مرحلة جديدة في تحول بيئة الاستثمار في العراق، حيث استمر الاقتصاد العراقي في التعافي بعد الركود الحاد الذي نتج عن جائحة عام 2019، ولكن ظهرت قيود النمو في قطاع النفط مرة أخرى، حيث بعد التعديل الذي تم بشأن أسعار النفط في عام 2022، ارتفع معدل التضخم في أوائل عام 2023، مدفوعًا بانخفاض قيمة الدينار العراقي في السوق الموازية. واستفادت الموازين المالية والحسابات الخارجية من عائدات النفط المرتفعة في عام 2022، لكن تم تعديل هذا الاتجاه بشكل كبير في أوائل عام 2023.
ويرى خبراء الاقتصاد إنَّ ميزانية العراق الجديدة توسعية للغاية وتفتقر إلى الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها البلاد لتطوير اقتصادي ديناميكي ومستدام.
ويعاني الاقتصاد العراقي من خلل بنيوي، حيث انخفضت مساهمة القطاعات الإنتاجية والزراعية في الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لتقرير الوحدة الاقتصادية العربية لعام 2023. حيث تساهم الزراعة والصيد والغابات بنسبة 5٪، والصناعات التحويلية 1.9٪. بينما تساهم الصناعات الاستخراجية بنسبة 44.2٪، والبناء 2.3٪، والكهرباء والغاز والمياه 2.7٪، والتجارة 9٪، والنقل 9.8٪، والخدمات المالية 0.7٪، والإسكان 5.5٪، والخدمات الحكومية 4.3٪، والخدمات الأخرى 3.3٪. وبالتالي، تشير هذه النسب إلى خلل بنيوي في الاقتصاد العراقي، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة اقتصاد هذا البلد، حيث لا يشهد نموًا حقيقيًا في القطاعات الإنتاجية، بل يشهد نموًا في إيرادات النفط الحكومية نتيجة تحسن أسعار النفط خلال السنوات (2020، 2021، 2023).
إنَّ الالتزام الصارم في تطبيق معايير التقارير المالية على مزادات الدولار التي ينفذها البنك المركزي العراقي منذ عام 2021، أدى إلى عدم توافق بين العرض والطلب على الدولار وانخفاض قيمة الدينار في السوق الموازية، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 7.2٪ على أساس سنوي في يوليو 2023. وكرد على الانخفاض في القيمة، خفض البنك المركزي العراقي سعر الدينار إلى 1300 دينار عراقي للدولار الواحد في فبراير 2023، وبزيادة قدرها 10.3٪. ومنذ ذلك الحين، انخفض التضخم وانخفض سعر الصرف في السوق الموازية، إلّا أنَّ الفجوة لا تزال كبيرة مع السعر الرسمي، مما يعكس استمرار الضغوط على سعر الصرف.
وفي أوائل عام 2023، تصاعدت ضغوطات الحساب الخارجي مرة أخرى مع انخفاض أسعار النفط، مما أدى إلى بدء انخفاض واستنزاف الاحتياطيات في مايو 2023.