الكاتب: ميلفين جودمان
المصدر: موقع Counterpunch
على مدى نحو 7 عقود، من الحسابات الخاطئة من جانب الولايات المتحدة الأميركية في سياستها تجاه الشرق الأوسط، والذي أدى في النهاية إلى فشل استراتيجي وتجلى ذلك مؤخرًا في سوء التقدير المتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة.
تمثل سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مادة لدراسة حيوية عن الحسابات الخاطئة في المجالين السياسي والعسكري التي تؤدي إلى الفشل الاستراتيجي، وخير دليل هو ما يشهده العالم من الدعم الذي يقدمه الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس حكومة “تل أبيب” بنيامين نتنياهو، مما يجعل الولايات المتحدة متواطئة في حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وهو أحدث وأسوأ مثال على سوء تقدير الولايات المتحدة. وبشكل عام، فإن ممارسة القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، المصممة للحصول على ميزة استراتيجية، قد أتت بنتائج عكسية. وقد أدى ذلك إلى فوضى في الشرق الأوسط والخليج الفارسي، وفتح فرصا دبلوماسية لروسيا والصين.
بدء سوء التقدير الأمريكي في الشرق الأوسط منذ ما يقرب من 70 عاما، عندما عرض وزير الخارجية جون فوستر دالاس دعم بناء سد أسوان في مصر ثم تراجع فجأة. عندما رضخ دالاس لضغوط اليمين لوقف الدعم المالي للسد، قام الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس. العرض الأميركي لمصر أقلق “إسرائيل”، وأدى إلى زيادة كبيرة في الدعم العسكري الفرنسي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ولاحقا تآمرت كل من باريس ولندن وتل أبيب لغزو سيناء والسيطرة على قناة السويس، “العدوان الثلاثي”، كما فتح سحب المساعدات الأمريكية الباب أمام توسع النفوذ السوفيتي في القاهرة.
رحبت مصر بانتقادات ومعارضة الرئيس الأميركي أنذاك دوايت أيزنهاور لـ”العدوان الثلاثي”، لكن إعلان مبدأ أيزنهاور بعد عام كان انتقادا لناصر وللعلاقات السوفيتية المصرية القوية. وأدى مبدأ أيزنهاور إلى دعم وكالة المخابرات المركزية السري لمعارضة عبد الناصر السياسية، فضلا عن مقاطعة اقتصادية خطيرة. كانت المقاطعة بمثابة نموذج للعقوبات اللاحقة (غير الناجحة في الغالب) ضد دول العالم الثالث مثل كوبا وليبيا، مما فتح فرصًا إضافية للنفوذ الدبلوماسي السوفييتي.
لقد خلفت الحروب التي خاضها الرئيسان الأميركيان جورج بوش الأب وجورج دبليو بوش الأبن، عواقب هائلة غير متوقعة، والتي لا تزال تولد مشاكل سياسية وعسكرية للولايات المتحدة في مختلف أنحاء المنطقة. تعتبر حرب الخليج عام 1990، والمعروفة باسم “عاصفة الصحراء”، بمثابة نجاح كبير لحماية المصالح الأميركية، ولكن كان من الممكن تجنب الحرب العسكرية.